تشكيل فريق متخصص لتطوير تكنولوجيا “محرك الأجوبة”
أقدمت شركة آبل على خطوة جديدة لتعزيز استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال تشكيل فريق جديد يُدعى “الأجوبة والمعرفة والمعلومات” (Answers, Knowledge, and Information)، يعمل على تطوير ما يُعرف بـ “محرك الأجوبة” (Answer Engine). هذا المحرك يهدف إلى تقديم إجابات مباشرة على استفسارات المستخدمين بالاعتماد على معلومات من شبكة الإنترنت.
وبحسب تقرير نشره الصحفي مارك غورمان في وكالة بلومبرغ يوم السبت، فإن هذا المشروع من الممكن أن يكون عبارة عن تطبيق مستقل، أو أن يُدمج لاحقًا في خدمات قائمة مثل المساعد الصوتي “سيري”، ومتصفح “سفاري”، وسائر خدمات نظام آبل البيئي. كما أشار التقرير إلى أن الشركة تركز حاليًا على توظيف خبراء في مجالات تطوير خوارزميات البحث وبناء محركات البحث.
نقلة نوعية بعد تأجيلات متعددة في تحديث “سيري”
وكانت آبل قد كشفت خلال مؤتمر المطورين WWDC في يونيو الماضي عن نيتها دمج نموذج ChatGPT التابع لشركة OpenAI في المساعد الصوتي “سيري”. إلا أن الإطلاق الرسمي للإصدار المطور من سيري تأجل أكثر من مرة، ولم يُطرح حتى الآن خيار المساعد الصوتي المخصص لكل مستخدم. وبالتالي، يُنظر إلى إطلاق فريق “Answers” الجديد كإشارة إلى أن آبل قررت السير في مسار موازٍ لبناء حلول ذكاء اصطناعي خاصة بها، بدلاً من الاعتماد الكامل على حلول خارجية.
شراكة بحث آبل-غوغل على المحك
من الدوافع المحتملة وراء هذا التوجه أيضًا ما يتعلق بالعلاقة التجارية بين آبل وغوغل. إذ تحصل آبل سنويًا على ما بين 18 و20 مليار دولار من غوغل، مقابل اعتمادها كمحرك البحث الافتراضي على أجهزة آيفون. لكن بعد فوز جزئي لوزارة العدل الأميركية في دعوى مكافحة الاحتكار ضد غوغل، بات احتمال إعادة هيكلة هذه الصفقة قائمًا. ويبدو أن آبل تسعى لتقوية موقفها التفاوضي، عبر تطوير بديل داخلي.
AKI: مشروع سري يتحول إلى استراتيجية طويلة المدى
وبحسب ما أوردته بلومبرغ، فإن الفريق الذي يُعرف اختصارًا بـ AKI (Answers, Knowledge, and Information) تم تشكيله بهدوء في مطلع هذا العام، بقيادة روبّي ووكر، الذي كان مسؤولًا في السابق عن مشروع سيري، قبل أن يتنحى بسبب تأخيرات في التطوير. ويتبع ووكر مباشرة لنائب رئيس آبل للذكاء الاصطناعي جون جياناندريا، وقد استعان ببعض أفراد فريق سيري السابقين لتعزيز هذا المشروع الجديد.
ويعمل الفريق حاليًا على تطوير البنية التحتية الخلفية لمحرك الأجوبة، بحيث يمكن دمجه مستقبلًا في مجموعة من منتجات آبل مثل سفاري، سيري، وسبوتلايت. كما تُنشر حاليًا عدة إعلانات توظيف على موقع آبل الرسمي، تُبرز الحاجة إلى مطورين بخبرة في بناء محركات بحث وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، بهدف “توفير تجربة معلوماتية فطرية ومترابطة” لمستخدمي أجهزة آبل، بحسب نص الإعلانات.
استراتيجية “لسنا الأوائل، لكننا الأفضل” تتبلور من جديد
وبعد تأخر طرح مزايا الذكاء الاصطناعي في سيري، يبدو أن آبل تعود إلى فلسفتها التقليدية: “لسنا الأوائل، لكننا الأفضل”. فبدل أن تتعجل بإصدار نسخ تجريبية غير مكتملة، تسعى الشركة الآن إلى بناء حلول قوية وموثوقة على المدى الطويل، تمكّنها من تعزيز تنافسيتها في سوق الذكاء الاصطناعي، وتمنحها استقلالية أكبر عن شركاء مثل غوغل وأوبنAI.
استحواذات مرتقبة لتعزيز الذكاء الاصطناعي
وفي سياق موازٍ، صرّح الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، خلال إعلان نتائج الربع الثالث من العام الجاري، أن الشركة لا تستبعد القيام بعمليات استحواذ لتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وأكد أن آبل تضع برنامج “Apple Intelligence” في صلب أولوياتها المستقبلية.
بهذه الخطوات، تدخل آبل مرحلة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من قوتها التكنولوجية وسمعتها في تقديم حلول متكاملة وموثوقة، مع استعداد واضح لإعادة رسم ملامح البحث الصوتي والمعلوماتي على أجهزتها.